الخميس، 24 يناير 2019

د.حسين الحلي الزبيدي


وَطَنُ الْحَالِميْنَ
أَنَا مُنذُ أزَلِ الْكَونِ أَبحَثُ عَنْ وَطَنِيْ
وَطنٌ تُزهِرُ فيهِ الوُروْدُ فِي السَّاحاتِ
وَ تلْعبُ الصَّباياْ كاَلفَراشاتِ ضاحِكاتٍ
و تَمْلأُ الأَطفالُ المَدارِسَ بالغِنواتِ
فلَمْ أجدْ غيرَ الموتِ
وَلمْ أَجِدْ سِوى بَحرٍ منَ اليَتامَى ألجِياعِ
وَأُخْرى وجَدتُها فيكَ يا وَطَنِيْ
مُلِئْتَ بالأراملِ وَ البكاءِ
كلُّ شَيءٍ فيكَ يا وَطَنِيْ
أَسودٌ كَالرمادِ
مالَكَ يا وَطَنِيْ أَلا تَرى بقيةَ البلِادِ
تَركُوا الحروبَ وحَوَّلوها اليكَ
ألا تتَّعِظ ...ألا عاقِلٌ فيكَ يَؤوبُ
ويَرفِضُ هذِي الحروبَ
كَمْ سافرتُ وبحثتُ
ورأيتُ البشرَ تبْنِي وتُسامِحُ
ألا تُسامحُ يا وَطَنِيْ
مَن أخطأَ وَ إليكَ أَنابَ
أَمْ أَنَّ قلبَكَ أسْودٌ كَما هُوَ لونُ الغُرابِ
مُلِئتَ زَهواً وتِيهاً يَا وَطَنِيْ
لِماذَا هَذا العَذابُ
وَ لِشعبِكَ تَذبحُ يا وَطَنِيْ
مِنَ القَلبِ إلَى القَلبِ
ولكني اعود واعذرك يا وَطَنِيْ
فَكلُّ الطُغاةِ تَطمعُ فيكَ
وكلُّ شرِّ الدُنيا وَجَّهوهُ اليكَ
فَمرَّةً باسْمِ الدِّينِ وَ أُخْرى رِعايةً للمساكينِ
وَ تارةً لرَفعِ الظُلمِ يأتيِنا المُحتلُّ
قَرَّروا أخيرا ً يا وَطَنِيْ بيْعكَ بالْمَزادِ
و تَهجيرِ شعبِكَ الى بَقيَّةِ البِلادِ
سَرقُوا كلَّ الجَمالِ منْكَ يا بَلدِيْ
أنتَ مركزُ الكونِ يا بَلدي
وَلوْ أختلَّ شيءٌ فيك
لأطْبقَتْ الأرضُ علَى السَّماءِ
مالَكَ يا وَطَنِيْ ألا تَغارُ منْ بقيَّةِ البِلادِ
تَسبَحُ فِي بَحرٍ مِنَ الدَّماءِ
فَلا شيءَ فيكَ سِوَى الحِقدِ والدَّمارِ
تُبْ إلَى اللهِ منْ نفسِكَ وذنوبِكَ
وأْحضُنْ ابنائَكَ وَ ايتامَكَ
وَ عُدْ لِسالِفِ مَجدِكَ وَ أذكُرْ أنَّكَ مَوطِنُ الأنْبياءِ
وَ فيكَ مَدفُونٌ خيرُ الأوصياءِ وسيِّدُ الشُهداءِ
ألا يكْفيكَ هَذا ؟؟
لكنَّكَ مِسكينٌ مالَكَ فِي صُنعِ مصيرِكَ أرادَةٌ
بِلْ أفترَستْكَ الوُحوشُ وَ سلبَتْكَ ثيابَكَ
وَتركَتْكَ علَى قارعةِ الطَّريقِ تستُرُ عورتَكَ بِورَقِ الشَّجَرِ
كأنَّكَ ابنُ ضرةٍ لِهذا العالَمِ العاقِّ لِبلدٍ علَّمَهُم أوَّلَ الحروفِ
فسلُّوا خناجرَهُم لطعنِكَ فِي خاصرَتِكَ
أَو لرميِكَ فِي بئرِ النِّسيانِ فَلا سيَّارةُ مِصرَ تُنقذُكَ
وَلا فِرعونُها ليتبناكَ
ويجعَلَك مرَّةً أُخرَى سيِّداً للكَونِ
ولا فِي زمانِنا هذا شَهيدٌ كّالحُسينِ فيكَ
ليهُزَّ الكَونَ ويَرفعَك للسَّماءَ
لِتحيَا معَ السُّعداءِ لحينِ الفَرجِ القَريبِ
كَيْ تعودَ بهيجاً وَ يَسعَدَ بِكَ الجياعُ
د.حسين الحلي الزبيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية شيخ الجبال أبو ملحم للكاتب والروائي السوري أحمد علي بيطار

 رواية شيخ الجبال أبو ملحم للكاتب والروائي السوري أحمد علي بيطار