الثلاثاء، 21 أبريل 2020

صور في ذاكرة متعبة ص/35 الأديب سالم عكروتي (أبو عيسى)

صور في ذاكرة متعبة
ص/35
.....أشرقت الشمس بحمرة قانية ، نشرت الضياء على الكون ، ونثرت لونا أرجوانيا في الأفق وعلى أكمام الأعشاب وأعالى الأشجار، في بلدتي النائمة الرابضة في سهل فسيح وشجر السدر الجاثم بأحجامه المتفاوتة المحيط من كل جانب وشجيرات برية أخرى (علجان شيح ، مثنان، رمث ،ودقفت..... ،..... ،.... ،) وأعشاب أنهكتها حرارة الصيف ، وهجيره ، أيبست وصارت حصيدا، دبت الحرك في مفاصل البلدة ، راح الأهالي يتجهزون ليوم صيفي حار يخرجون مع أغنامهم لترعى ومنهم من إستبقوا طلوع الشمس ووضعوا على الحمير قلالا أربعة وذهبوا إلى البئر البعيدة لجلب الماء ، وآخرون قصدوا الحقول للحصاد سنابل الشعير ، صياح الديكة ينطلق في أرجاء بلدتنا يتخلله نهيق الحمير هنا وهناك وثغاء الأغنام، صوت أبي يأتي من باحة كوخنا، الله أكبر ويسترسل في صلاة الفجر لتعقبها دعوات وهمهمات لا أفهمها بعدها حركة وهو يجهز (الشبكة) و (المناجل) ويحل وثاق الحمار ، يشعل سجارة ويسعل كثيرا و يهتف إلى أمي أن سبقها إلى حقل الشعير ، أمي الصامدة الصامتة تقوم
باكرا ونحن لازلنا نيام ، تتحسس خطاها المتعبة بين خيوط الفجر تضيئ(القازة) تعجن دقيقا، وتطهو كسرات قليلة ، ثم تحلب شويهاتنا النحيلات ويكون قد إستوى فطورنا، أحس بقبلة على خدى ، تعادل الدنيا حبا وحنانا ، وهدهدة لينة ،إنها أمي الرائعة نبعا من العطف تسبله علينا وهي تظفر الأيام وتلويها بين قهر الفقر وشبح الجوع المطل من رتق الأيام العنيدة ، تكابد تجاهد بجسمها الوهن وحركتها المرهقة حتى ننعم بقليل من عطاء الحياة وكثيرا من حنان ودفء أمي ، ما أجملك يا أماه.
_سالم ..... يا سالم .... قم يا ولدي.
موسم الحصاد في بلدتنا له رونق ونواميس خاصة ، يجتمع الأهالي نسوة ورجالا عند أحدهم ويتكاتفون ويعينونه على جمع محصوله بين غناء النسوة ومزاح الرجال وبهجة الصغار ولهوهم بين صوت طقطقة السنابل والمناجل تأتي عليها بسواعد الأهالي فيتركونها وراءهم حزما حزما تجمع ضحاءا وتحمل في الشباك على ظهور الحمير إلى البيادر.......... يتبع
سالم عكروتي (أبو عيسى) تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رواية شيخ الجبال أبو ملحم للكاتب والروائي السوري أحمد علي بيطار

 رواية شيخ الجبال أبو ملحم للكاتب والروائي السوري أحمد علي بيطار